أصدرت المحكمة العليا، اليوم الأحد (الموافق 15/04/2007)، وبتركيبة مكونة من ثلاثة قضاة (سليم جبران وعدنا أربيل ومريام ناؤور)، قراراً يمنع "دائرة أراضي إسرائيل" من رش المبيدات من الجو على المحاصيل الزراعية في الحقول التي يفلحها مواطنون عرب في النقب. وعلاوة على ذلك، ألزمت المحكمة العليا الدولة بمصاريف المحكمة، والتي بلغت عشرين ألف (20,000) شيكل جديد.
وقد صدر هذا القرار في اعقاب الالتماس الذي قدم في الثاني والعشرين من آذار/ مارس من العام 2004، من قبل المحامي مروان دلال من مركز "عدالة"، باسم سكان قرى غير معترف بها في النقب، وكذلك باسم جمعية اطبياء لحقوق الإنسان، ولجنة الأربعين، والطاقم للتعايش في النقب وشركة النقب من أجل الأرض والإنسان، وبستان للسلام، والجمعية لمؤازرة وحماية حقوق البدو في إسرائيل، والجمعية العربية لحقوق الإنسان، وجمعية الجليل. وتجدر الإشارة إلى أنه، وبعد يوم من تقديم الالتماس، أصدرت المحكمة العليا، بناء على طلب الملتمسين، أمراً احترازياً يمنع دائرة أراضي إسرائيل من رش المبيدات على المحاصيل الزراعية للمواطنين العرب البدو في القرى غير المعترف بها في النقب.
وقررت المحكمة العليا في قرارها أن هذه العمليات هي ممنوعة لكونها تعرض حياة الناس وصحتهم إلى الخطر. وقال القاضي جبران في قراره: "دائرة أراضي إسرائيل تنفذ عمليات رش المبيدات دون أن يخولها القانون هذه الصلاحية". أما القاضية أربيل فقد قالت في قرارها أن القانون يسمح لدائرة أراضي إسرائيل بإجراء عمليات الرش، إلا أنها ممنوعة لكونها تمس بحياة البشر. كما قررت القاضية أربيل أن استخدام هذه الوسيلة يؤدي إلى "إحساس خطير لدى الموطنين البدو بالإذلال والاستخفاف.. ومن واجب الدولة عدم تعريضهم للخطر في عملياتها، والدفاع عن رفاهيتهم، والتصرف بشكل معقول تجاههم.. وعملية رش المبيدات، بالطريقة التي نفذت فيها، لا تمس فقط بصحة المواطنين البدو فحسب، وإنما تمس بكرامتهم".
تجدر الإشارة إلى أن موضوع الالتماس هو السياسة التي تتبعها دائرة أراضي إسرائيل، والتي تقوم في إطارها برش المبيدات على المحاصيل الزراعية التابعة للبدو من سكان القرى غير المعترف بها في النقب. وتدعي دائرة أراضي إسرائيل أنه جرى رش المبيدات من أجل فرض حقوق الدولة على الأرض. كما ادعت النيابة العامة أمام المحكمة العليا بأنه يتوجب السماح لدائرة أراضي إسرائيل برش المبيدات على المحاصيل الزراعية في القرى غير المعترف بها في النقب. وبحسبها فإن الحديث هو عن إحقاق حقوق الدولة بالأرض. وأضافت النيابة العامة أن رش المبيدات هو وسيلة ناجعة لأنها لا تتطلب تجنيد عدد كبير من أفراد الشرطة، وأنه لو كانت إبادة المحاصيل الزراعية تجري على الأرض لكان هناك حاجة لتجنيد قوات شرطة كبيرة، وخاصة في أعقاب معارضة السكان العرب البدو لإبادة محاصيلهم.
بالمقابل ادعى المحامي دلال أمام المحكمة العليا أن القانون الإسرائيلي يسمح برش المبيدات فقط إذا كان الهدف من ذلك صحياً أو بيئياً. وأضاف أن القانون يمنع عمليات الرش التي تهدف إلى إحقاق حقوق مدعاة، كما يمنع بشدة استخدام وسيلة الرش في سياق التوتر القائم بين الدولة والمواطنين. وأكد المحامي دلال على أن المخاطر الصحية والبيئية الكامنة في عملية الرش، استناداً إلى تقريرين تم تقديمهما إلى المحكمة العليا من قبل الملتمسين؛ الأول من قبل د.إلياهو ريختر، وهو محاضر كبير ويترأس وحدة الطب المهني والبيئي في الجامعة العبرية، والثاني من قبل د.أحمد يزبك، وهو خبير في المواد السامة، ومن خريجي كلية الكيمياء في معهد "التخنيون". وفي مقابل هذه التقارير الموثوقة، فقد أشار المحامي دلال إلى أن الخبير من قبل الملتمسين، المسؤول الأول في وزارة الصحة في مجال علوم السموم، البروفيسور غاري فينستون، قد قام بنسخ أقسام كبيرة ومهمة من التقارير التجارية التي يتم نشرها في مواقع الانترنت من قبل الشركات الموزعة للمبيدات (Monsanto ). وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن قضاة المحكمة قد عبروا عن امتعاضهم من التقارير الاشكالية التي قدمها المختص من قبل الدولة.
المحكمة العليا 04/2887 – سليم أبو مديغم وآخرون ضد دائرة أراضي إسرائيل وأخرين