"عدالة": استخدام معيار الخدمة العسكرية كشرط لمنح امتيازات في مجال التعليم العالي هو وجه إضافي للتمييز ضد المواطنين العرب
في رسالة مفصلة وموسعة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ولوزراء التعليم، المالية، التجارة والصناعة والتشغيل والمستشار القضائي للحكومة، طالب مركز "عدالة" بوضع حد للتمييز اللاحق بالطلاب العرب في المعاهد العليا الناجم عن القوانين والأوامر التي تعطي أفضليات كبيرة وهامة في مجال التعليم العالي والتشغيل للطلاب الذين أدو الخدمة العسكرية.
وذكرت المحامية سوسن زهر من مركز "عدالة" في رسالتها أنه بما أن المواطنين العرب معفيين من أداء الخدمة العسكرية فان كل امتياز يعطى بناء على الخدمة العسكرية أو المدنية هي بمثابة إقصاء للمواطنين العرب ويمنع منهم إمكانية الاستفادة منه. في مجال التعليم العالي ستزيد هذه الامتيازات من العوائق المتراكمة أمام الشبان العرب، وتجعل وصولهم إلى الجامعات والمعاهد العليا أصعب مما هو عليه الآن. كما أن هذه الامتيازات تجعل الخدمة العسكرية أداة ناجعة لتعميق التمييز اللاحق بالمجتمع العربي في البلاد.
وجاءت رسالة "عدالة" هذه في أعقاب تعديل قانون الجنود المسرحين والذي بموجبه سيحظى كل طالب أدى الخدمة العسكرية و/أو المدنية وهو من مناطق الأفضلية القومية في النقب والجليل والمستوطنات، بجملة من الامتيازات، ومن ضمنها تمويل كامل لسنة تعليمية في إطار التعليم الأكاديمي للقب الأول. هذا الامتياز يضاف إلى سلسلة من الامتيازات في مجال التعليم العالي التي يحظى بها الجنود المسرحين، بما فيها سنة تعليمية تحضيرية للتعليم الأكاديمي مجانًا لجميع الطلاب وليس لمن يسكن في مناطق الأفضلية القومية فقط. كما يقر القانون أن لمؤسسات التعليم العالي، مدارس التأهيل المهني أو معاهد التحضير للتعليم الأكاديمي لها الحق في تفضيل الجنود المسرحين في القبول لمساكن الطلاب وحتى منحهم امتيازات اقتصادية إضافية.
هذه الامتيازات تأتي إضافة للاستخدام غير المباشر لمعيار الخدمة العسكرية بهدف قبول طلاب لكليات مختلفة في مؤسسات التعليم العالي. على سبيل المثال، تم تحديد الجيل الأدنى للقبول في غالبية الكليات التي تدرس المواضيع الطبية المختلفة بجيل 20-21 سنة، في الوقت الذي لا يسرى هذا التحديد على الجنود الذين أجلوا خدمتهم العسكرية الإلزامية إلى ما بعد التعليم الجامعي. كما طرح مؤخرا على طاولة الكنيست اقتراح قانون، الذي حظي بدعم من الحكومة، بموجبه ستعطى امتيازات للجنود المسرحين في القبول للعمل في سلك الخدمات العامة، علما أن غالبية من يعملون به هم من الأكاديميين. في حال المصادقة على هذا الاقتراح فان ذلك سيزيد من الفجوة القائمة بين المواطنين العرب والمواطنين اليهود الذين يعملون في سلك الخدمات العامة. وصل عدد الموظفين في سلك خدمات الدولة عام 2008 إلى 58.180 عامل وعاملة،فقط 6.7% منهم من المواطنين العرب.
وشدد "عدالة" برسالته، هذه الامتيازات يجب أن تعطى أخذًا بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي-الاقتصادي لكافة الطلاب، بما فيهم الطلاب العرب وليس وفقًا لاعتبار الخدمة العسكرية. فحص الوضع الاجتماعي- الاقتصادي كان سيظهر أن الطلاب العرب ينتمون إلى الشريحة الأكثر حاجة لمساعدات حكومية في مجال التعليم العالي.
وأردفت الرسالة أن منح امتيازات إضافية للجنود المسرحين سيؤدي إلى زيادة الفجوة القائمة أصلاً بين المواطنين العرب واليهود بكل ما يتعلق بالتعليم العالي. بحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية للعام 2008، كانت نسبة الطلاب العرب من مجمل الطلاب في المعاهد العليا فقط 9.6% في الوقت الذي تصل فيه نسبة العرب من المواطنين 20%.
وطالب "عدالة" في الرسالة بإنهاء التمييز ضد المجتمع العربي، بما فيه في مجال التعليم العالي والتشغيل. كما طالب بالامتناع عن دعم مشاريع القوانين التي تشترط أداء الخدمة العسكرية أو الخدمية المدنية كشرط للحصول على امتيازات اجتماعية-اقتصادية لأن ذلك سيؤدي إلى تعميق الفجوة في المجال الاجتماعي الاقتصادي بين العرب واليهود وتوسيع هذه الامتيازات لتشمل المواطنين العرب. كما طالب "عدالة" في الرسالة بعدم رفع القسط الجامعي لأن من شأن ذلك توسيع الفجوات الاجتماعية-اقتصادية والعمل على منح الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية بناء على وضع كل فرد .
الامتيازات التي يمنحها القانون للجنود المسرحين تشكل خرقا للحق الدستوري للمواطنين العرب بالمساواة كما ينص عليه قانون أساس: حرية الإنسان وكرامته. كما أنها منافية لتعاليم قانون حقوق الطالب الذي ينص على وجوب ضمان المساواة بحق الجميع بالوصول إلى التعليم العالي. منذ العام 2006، وفي أعقاب التماس قدمه مركز "عدالة" للمحكمة المركزية في حيفا ضد الاستخدام الذي تجريه جامعة حيفا في معيار الخدمة العسكرية كشرط للقبول لمساكن الطلاب، أقرت المحكمة أن استخدام معيار الخدمة العسكرية هدف توزيع امتيازات للطلاب يميز ضد الطلاب ا لعرب على أساس قومي. كما أقرت المحكمة أنه ليست هنالك علاقة منطقية بين الخدمة العسكرية وبين تخصيص مساكن للطلاب، خصوصا وان الهدف من وراء تخصيص مساكن للطلاب هو هدف اجتماعي- اقتصادي.
ما من شك أن تكثيف استخدام معيار الخدمة العسكرية كشرط لمنح مساعدات مادية هو نتاج مباشر لانتشار الخطاب السياسي الذي يربط بين المواطنة المتساوية والولاء للدولة. بحسب هذا التوجه الذي ينادي به، من جملة المنادين، حزب "اسرائيل بيتنا"، فان أحد المقاييس الهامة لولاء المواطن هو خدمته في الجيش. التمييز بين المواطنين على أساس قومي التي تأتي بناء على مواقف سياسية هي مرفوضة ويجب دحضها.